تشتهر تونس خلال شهر رمضان بالأخص بأن تشهد ورش تلميع الأواني النحاسية نشاطاً بشكل ملحوظ دون باقي أشهر السنة، حيث دأبت التونسيات كما جرت العادة على تلميع أواني الطهي النحاسية التي يندر عدم وجودها في مطبخ إحدى الأسر التونسية، والتي يتم طلائها بطبقة من القصدير وتلميعها أيضاً إلى أن تأخذ شكل النحاس الذهبي اللامع، وحتى تكون جاهزة كلياً للاستخدام في إعداد الطعام وطهيه طوال أيام شهر رمضان الفضيل.
وتكاد حرفة تلميع الأواني المصنوعة من النحاس أن تندثر، بحيث لا يعمل بها الأن إلا قلة قليلة بالفعل من الحرفيين الذين غالباً من فئة كبار السن، حيث أن أغلبهم أسس ورشته منذ الستينيات والسبعينيات، ولا تجذب هذه الحرفة الشباب.
تجهيزات تلميع الأواني النحاسية لشهر رمضان
تحرص النساء التونسيات على حمل أواني المطبخ المصنوعة من النحاس قبل شهر رمضان المعظم، أو في أول أيامه كذلك إلى ورش تنظيف وطلاء تلك الأواني، ذلك لتكون جاهزة لإعداد وطهي العديد من أصناف الطعام خلال الشهر الكريم، ويتركز وجود تلك الورش في العاصمة تونس بحي باب الخضراء بالقرب من المدينة القديمة.
يقوم الحرفي بإذابة قطعة من القصدير بحيث يطلي بسائلها الوعاء النحاسي، ثم يقوم بعد ذلك بكشطه بعد مرور بضع دقائق، ومن ثم يقوم بوضع الإناء في الماء، ويطلق على هذه العملية على وجه التحديد “القصدرة” وفيها يتم إكساء الآنية النحاسية بطبقة رقيقة للغاية من القصدير المُذاب، وذلك من أجل حماية الطعام وحفظة جيداً وعدم تعرضه أيضاً للأكسدة التي يمكن أن يسببها النحاس.
ويقول العديد من المواطنين التونسيين، أن استخدام الأنية النحاسية في المطبخ أنما يعد أمر أكثر صحية، كما إنه تقليد متعارف عليه وتم وراثته من الأجداد وكان موجود منذ قرون، والتأكيد على أن هذا تراث الأجداد، أن الأمهات والجدات التونسيات يحتفظن فعلياً في مطابخهن بآنية نحاسية، ورثنها ويقمن بتوريثها لبناتهن كذلك لتكون ضمن مستلزمات المنزل الأساسية في الزواج.
كم تكلفة قصدرة الأواني النحاسية التونسية؟
تكلف عملية “القصدرة” لأواني المطبخ ما بين 20 ديناراً إلى 200 دينار، وذلك بحسب عدد الآنية وأحجامها، ذلك على الرغم من أن صناعة أدوات المطبخ من النحاس تشهد في تونس تراجعاً ملحوظاً مؤخراً جراء تبايُن سعر النحاس، إلا أن ورش تلميع الأواني النحاسية بتونس يشهد بدوره حركة كبيرة.
التعليقات